صفحة: 152
8 لم تكن مي زيادة مجرد امرأة ، فقد امتازت بالثقافة العالية ، وأتقنت ثماني لغات غير العربية ، منها : الفرنسية ، الإنجليزية ، الألمانية ، الإسبانية ، الإيطالية واليونانية الحديثة . فأخذ نجمها يتألق في مجال الكتابة الأدبية والنقد والبحث . 9 ولم تتمتع بموهبة كتابة الأدب فقط ، وإنما كان لها شغف بالرسم والخطابة ، وكانت خطيبة مفوهة ، ساعدها على الخطابة صوتها الرخيم وثقافتها العالية . ومما ذكر عنها أنها كانت مرهفة الحس ، ذات شخصية جريئة وطموح كبير ، امتازت بسرعة البديهة والذكاء الحاد ، كما كانت شديدة الاعتداد بنفسها . 10 وقد أحبها أغلب الأعلام الذين ارتادوا صالونها حبا روحانيا ، ألهم بعضهم الروائع من كتاباته . لكن قلب مي ظل مأخوذا بجبران خليل جبران وحده ، رغم أنهما لم يلتقيا ولو لمرة واحدة . واستمرت العلاقة بينهما عشرين عاما ، حتى وفاة جبران في " نيويورك " . وفي كتاب يحمل عنوان " الشعلة الزرقاء " ، وثقت الرسائل المتبادلة بينهما . وكان آخر ما تسلمته مي من جبران رسما لكف مفتوحة ، تتوقد منها شعلة زرقاء مرسومة بريشته . 11 قامت مي بعدة رحلات إلى أوروبا ، وغذت المكتبة العربية بطائفة من الكتب القيمة ، وبلغت في الأدب منتهاه ، حتى استفاض ذكرها على الألسنة ، وأصبح فكرها وقلمها وصالونها الأدبي الشهير ، قبلة الأدباء والشعراء . وأطلقوا عليها شتى الأوصاف الرفيعة : كالأديبة النابغة ، فريدة العصر ، ملكة دولة الإلهام ، حلية الزمان ، الدرة اليتيمة ، وريحانة الشرق ، فكانت صيحة مدوية في سماء الشرق . بتصرف عن : هبة أبو كويك ، " ريحانة الشرق مي زيادة .. أديبة وكاتبة بمداد من ذهب " ، موقع أراجيك ، 2015
|