صفحة: 130
في بني ؛ فلم يكن في الدنيا شيء إلا وجدته فيهم " . قال : " ما ادخرت لبنيك إذا حضروا ؟" قالت : ادخرت لهم ما قال حاتم طيء : ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أنال به كريم المأكل فازداد عبد الله منها تعجبا ؛ ثم قال لها : " لو جاء بنوك ، وهم جياع ، فما كنت تصنعين لهم ؟" قالت : " يا هذا ! لقد عظمت عندك هذه الخبزة ، حتى أكثرت فيها مقالك ، وشغلت بها بالك ؛ فاله عن هذا ، فانه يفسد النفس " . فقال عبد الله لبعض غلمانه : " انطلق إلى خبائها فإذا أقبل بنوها فجئ بهم " . فقالت : " انطلق إلى فناء البيت ، فإنهم ثلاثة . فإذا رأيتهم تجد أحدهم دائم النظر نحو الأرض عليه شعار الوقار ، فإذا تكلم أفصح ، وإذا طلب أنجح ، والآخر حديد النظر كثير الحذر ، إذا وعد فعل ، وإن ظلم قتل؛ والآخر كأنه شعلة نار ، وكأنه يطلب بثأر ، فذاك الموت المائت والداء الكابت . فإذا رأيت هذه الصفة فيهم فقل لهم عني : " لا تجلسوا حتى تأتوني " . فانطلق الغلام ، فأخبرهم الخبر ؛ فما بعد أمده حتى جاءوا ؛ فأدناهم عبد الله منه وقال : " إني لم أطلبكم وأمكم لمكروه ، وإنما أحب أن أصلح من شأنكم ، وألم شعثكم " . فقالوا : " إن هذا قل أن يكون إلا عن سؤال ، أو مكافأة لفعل قديم " . قال : " ليس شيء من ذلك ، ولكن جاورتكم في هذه الليلة فأحببت أن أضع بعض مالي فيكم " . قالوا : " يا هذا ! نحن في خفض عيش ، وكفاف من الرزق؛ فوجهه نحو من يستحقه . وإن أردت النوال مبتدئا من غير سؤال فتقدم ؛ فمعروفك مشكور ، وبرك مقبول : " . فقال : " نعم هو ذاك " . وأمر لهم بعشرة آلاف درهم وعشرين ناقة . ابن عبد ربه
|