صفحة: 179
مكانة العامل في دولة الرفاه في عصر العولمة للتغييرات الكثيرة التي تحدث في العالم في أعقاب العولمة الاقتصادية تأثير كبير على طبيعة سوق العمل ، وعلى مكانة العامل في دول الرفاه المتطورة . الحاجة إلى الصمود في التنافس المتزايد في سوق العمل ، من الداخل والخارج ، والاعتماد المتزايد على التعاقد الخارجي في بعض أعمال الشركات ، ونقل الإنتاج إلى دول أخرى ، والزيادة في أعداد مهاجري العمل – هذه كلها وغيرها تؤدي إلى إضعاف مكانة العاملين . بما أنه أصبح من السهل الحصول على عمال أقل تكلفة – مثل مهاجري العمل القادمين من خارج الدولة – تتقلص إمكانيات المساومة لدى العمال المحليين ، وتنفتح نافذة للإساءة إلىظروف العمل ، للمحليين والمهاجرين أيضا . إذا كان العمال في دول الرفاه الديمقراطية قد حظوا في الماضي بقوانين واقية سخية ، وبنقابات مهنية قوية دافعت عنهم وحرصت على حقوقهم ، فإن قوة هذه النقابات أصبحت اليوم ، مع الاندماج في سوق العولمة ، أضعف ، كما ضعفت القدرة في حماية حقوقهم ، وأصبح بإمكان المشغلين استغلال العمال والإساءة إلى حقوقهم بسهولة ، طالما كان بالإمكان في أي وقت إيجاد عامل أقل تكلفة . فضلا عن ذلك ، مرت سوق العمل في عصر العولمة بعملية " زيادة المرونة " . سوق العمل المرنة ، على العكس من سوق العمل التقليدية ، ليست فيها اتفاقيات أجور جماعية ، تم التوصل إليها بواسطة نقابات العمال القوية . عوضا عن هذه الاتفاقيات هناك اتفاقيات عمل شخصية : كل عامل يساوم ويتفاوض على أجره وظروف عمله بنفسه وبمفرده . النتيجة ، أحيانا ، أجور شهرية أعلى ولكن حماية أقل للعامل ، وعدم وجود حقوق اجتماعية ، وانعدام الأمن التشغيلي . يحق للمشغل إنهاء اتفاقية العمل في أي وقت ، ولا يحق للعامل أن يعترض أو يستأنف على ذلك . سوق العمل المرنة تعمل إذن لصالح المشغلين . من ناحية العمال – سوق العمل المرنة تبقيهم بدون حماية وقد تسيء إليهم ويلحق بهم الضرر على المدى الطويل . كما أن نشوء منزلة " عمال مقاول " تأثر كثيرا من العولمة الاقتصادية . كما سبق وذكرنا ، الحاجة إلى تقليص التكاليف من أجل الصمود في التنافس العالمي ، أدت إلى تطور ظاهرة الاعتماد على التعاقد الخارجي التي تنقل فيها الشركة جزءا من إنتاجها ، ليتم تنفيذه في شركات أخرى . في كثير من الأحيان تكون هذه الشركات شركات قوى عاملة : أي تستأجر عمالا مؤقتين لتنفيذ العمل – عمال مقاول . هؤلاء العمال يعملون بلا تثبيت وبلا أمن تشغيلي . أجورهم منخفضة ، وفي كثير من الأحيان لا ينالون حقوقهم الاجتماعية . لظاهرة عمال المقاول تأثير على مكانة بقية العمال في الجهاز الاقتصادي – في الوقت الذي يمكن فيه تشغيل عمال مقاول والتوفير في التكاليف فإن أجر العمال الثابتين من المتوقع أن ينخفض ، وهذا صحيح أيضا بالنسبة لظروف عملهم . إن معايير التشغيل في الدولة تتغير ، والمجتمع يتحول من مجتمع يمتاز بالاهتمام بعامليه وبالمحافظة على حقوقهم ، إلى مجتمع فيه مكانة العامل متدنية والالتزام نحوه منخفض . من الصحافة أغلقت شركة كوداك في السنتين الأخيرتين منظومة الإنتاج في إسرائيل وفصلت حوالي 250 عاملا [ ... ] إجراء الفصل تم كجزء من قرار كوداك العالمية نقل إنتاجها إلى الصين . هذا الإجراء تكلف بفقدان حوالي 3000 عامل لمكان عمله في جميع أرجاء العالم [ ... ] . عشرات ممن فصلتهم شركة كوداك تم تجنيدهم من جديد للعمل في المعامل التي تعمل كمقاولين ثانويين لشركة كوداك [ ... ] . العمال الذين تحولوا من عمال في شركة كوداك ، إلى عمال مقاول ، حصلوا على تعويضات فصل كما ينص القانون ولكن خسارتهم كانت أكبر من أرباحهم : إذ باتوا يعملون في ظروف عمل أسوأ بكثير مما كان في كوداك ، كما خسروا سنوات الخدمة التي كانت تحسب لهم . المنظمات الاجتماعية تسمي هذه الطريقة طريقة " الباب الدوار " [ ... ] . تني چولدشتاين ، " هكذا يعمل عمال كوداك من أجل كوداك " ، ynet 13 تموز 2010 ? . 1 اقرؤوا في عن نموذج التشغيل المسمى flexicurity الذي طور في الدانمرك ، واشرحوا كيف يسوي هذا النموذج التناقض بين المرونة والأمن في سوق العمل . . 2 اقرؤوا في المقال " العولمة وسعت الفجوات في المجتمع " ، واكتبوا كيف تستطيع دولة الرفاه مساعدة السكان في ملاءمة أنفسهم لسوق العمل في عصر العولمة . . 3 ما رأيكم : هل يجب على دولة الرفاه ، في عصر العولمة ، أن تأخذ على عاتقها الحماية الاجتماعية – الاقتصادية للمقيمين ( غير المواطنين ) أيضا لا للمواطنين فقط؟ هل على المقيمين من غير المواطنين أن يتحملوا عبء الواجبات في دولة الرفاه؟ " قربان العمل " زويا تشركسكي
|