صفحة: 178
دولة الرفاه في عصر العولمة في عصر العولمة كل دولة مطالبة بأن تقرر ما هي السياسة التي تنتهجها ، والى أي درجة تريد أن تندمج في عمليات العولمة الاقتصادية . ظاهريا يبدو هذا كقرار سيادي تستطيع كل دولة اتخاذه ، ولكن ، من الناحية العملية ، كل دولة تريد أن تنتمي إلى العالم الغربي الحديث النامي ، لا يمكنها إلا أن تندمج في اقتصاد العولمة بهذه الدرجة أو تلك . كيف يؤثر الاندماج في اقتصاد العولمة على دولة الرفاه ، أي على قدرة الدولة على في حول هذه منقسمة الاستمرار انتهاج سياسة رفاه؟ الآراء القضية : هناك من يعتقد أن الاندماج في اقتصاد العولمة يلزم الدولة بأن تقلص من مصاريفها في قضايا الرفاه . بناء على هذا الرأي الدولة التي تريد الاندماج في اقتصاد العولمة لا تستطيع أن تتدخل أكثر من اللازم في سوق العمل وفي أجور العمل – وهي ملزمة بخفض الضرائب التي تفرضها لتجذب إليها المستثمرين الأجانب ، مما يدعوها إلى تقليص مصاريفها على الخدمات الاجتماعية . 1 علاوة على ذلك : كما رأينا ، المنظمات الدولية ( البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ) قد تفرض هي أيضا على الدولة اتخاذ خطوات ليبرالية ، مثل : تقليص العجز ، تقليص المصاريف والخصخصة . هذه كلها تقود إلى تقليص مخصصات الرفاه التي تمنحها الدولة لمواطنيها . هناك من يعتقد أن الاندماج في اقتصاد العولمة لا يلزم الدولة بالضرورة بتقليص مصاريفها في قضايا الرفاه . بناء على هذا الرأي ، عمليات العولمة تضع دولة الرفاه أمام تحديات ، وهذه تتطلب من واضعي السياسات التفكير في خطوات رد فعل وملاءمة ترتيبات الرفاه مع الواقع المتغير . ولكن الاندماج في اقتصاد العولمة لا يلزم بالضرورة بتخفيض الضرائب وتقليص مصاريف الرفاه . الضرائب العالية ليست الاعتبار الوحيد الذي يأخذه المستثمرون بعين الاعتبار عندما يقدمون على اختيار الدولة التي يستثمرون فيها . اعتبار آخر لا يقل أهمية يأخذه المستثمرون الأجانب بعين الاعتبار ، هو جودة رأس المال البشري في الدولة ، هذه الجودة التي تتحقق عن طريق الاستثمار في التعليم والثقافة ، وفي الصحة وفي الرفاه . لذلك ، بناء على هذا التوجه ، من أجل الاندماج في اقتصاد العولمة يجب زيادة مصاريف الدولة والاستثمار في التعليم والصحة والرفاه خاصة . لإثبات ادعاءاتهم يسوق أصحاب هذا التوجه أمثلة على دول مختلفة – السويد ، على سبيل المثال – اندمجت في اقتصاد العولمة ومع ذلك حافظت على مستوى مصاريفها الاجتماعية ، بل زادتها . في هذه الحالة أيضا ، كما في حالات أخرى ، إنما هذا هو قرار مرابط بالنهج السياسي ويستند إلى القيم ووجهة النظر حول مدى التزام الدولة برفاه مواطنيها ، وفي عصر العولمة ، لهذا القرار هناك مفعول وأثر مضاعف . هناك شيء واحد " أسوأ من غزو الشركات المتعددة الجنسيات : عدم غزو الشركات المتعددة الجنسيات . أولريخ بك ، عالم اجتماع ألماني معاصر 1 الظاهرة التي فيها تخفض الدول الضرائب التي تجبيها بهدف جذب الاستثمارات الأجنبية إليها ، تسمى " السباق إلى القاع " المواطنة مقابل الإقامة في عصر العولمة في عصر العولمة بسبب الانتقال الأكثر حرية للناس من دولة إلى أخرى ، كثيرون يسكنون في الدول كمقيمين لا كمواطنين . هذا التطور يضع علامة استفهام حول المبدأ الذي استندت عليه دولة الرفاه – مبدأ المواطنة ( الجنسية ) . إذا كانت الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية في الماضي قد استندت على كون المستحق مواطنا ، إذ إن هذه الحقوق لم تعط إلا للمواطنين ، فحاليا دول الرفاه المتطورة ملزمة أكثر فأكثر بمواجهة مكانة وحقوق المقيمين غير المواطنين . هذا بالنسبة إلى مهاجري العمل غير المهرة ، وكذلك بالنسبة إلى عمال صناعات لهايتك الذين ينتقلون من دولة إلى أخرى في أعقاب ال - relocation تجديد مكان إقامة الشركة المتعددة الجنسيات التي يعملون فيها ، في فرع آخر ، وفي دولة أخرى . السؤال هو : ما مدى التزام الدولة نحو هؤلاء الأشخاص الذين هم مقيمون ولكن ليسوا مواطنين؟ يبدو أنه مع إزالة الحدود المادية بين الدول تتعزز مكانة الإقامة كمعيار لمنح الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية .
|