صفحة: 61
إضافة إلى ذلك ، ظلت ظواهر الفقر موجودة وعلى نطاق واسع ، بل زادت اتساعا ، وكان هناك شعور بخيبة الأمل ، نجم عن عدم نجاح الدولة في معالجة الضائقة الاقتصادية ومشاكل الفقر بنجاعة . بدأ الكثيرون يشككون في الموديل الموسع لدولة الرفاه ، النموذج الاجتماعي – الاقتصادي . وقد ساهمت العولمة بنصيبها في تطوير هذا التوجه : دول شرق آسيا وإفريقيا عرضت على العالم أيادي عاملة رخيصة ومنتجات زهيدة الثمن . التنافس المتعاظم مع هذه الدول احتاج إلى التغيير . في ظل هذه التطورات بدأ اليمين الاقتصادي الجديد ، الذي سمي أيضا بال " نيوليبرالية " ، بالظهور بقوة مقترحا نهجا جديدا : تقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية وعلى الضمانات الاجتماعية وتقليص دولة الرفاه لتصبح مجرد شبكة أمان للفقراء فقط . في ثمانينات القرن الماضي وصل ممثلون بارزون لهذا النهج إلى سدة الحكم في دولتين رئيسيتين : مرغريت تاتشر في بريطانيا ورونالد ريغين في الولايات المتحدة الأمريكية . هذان الزعيمان آمنا بهذا النهج النيوليبرالي وكانا من معارضي دولة الرفاه الاجتماعية – الديمقراطية . في عهدهما سادت بريطانيا والولايات المتحدة سياسة نيوليبرالية امتازت بتقليص الخدمات العامة وتحويلها إلى خدمات خاصة ( سياسة الخصخصة )، وبتقليص الضمان الاجتماعي وبقصره على الفقراء فقط ( السياسة الانتقائية )، والامتناع عن تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي . الطريقة الثالثة في أواسط التسعينات قامت في دول كثيرة أحزاب آمنت بالطريقة الثالثة ( " . ( " The Third Way عرض هذا النهج إمكانية إحلال توازن جديد بين مسؤولية الفرد عن رفاهه من جهة ، وبين مسؤولية الدولة عن رفاه جميع المواطنين . من بين السياسيين البارزين الذين تبنوا هذه الطريقة كان : طوني بلير ( بريطانيا )، غيرهارد شريدر ( ألمانيا )، بيل كلينتون ( الولايات المتحدة )، ليونل جوسفين ( فرنسا ) وغيرهم . تسلم أحزاب الطريقة الثالثة بمركزية اقتصاد السوق على أنها المصدر الأساسي لتوفير احتياجات المواطنين ، ولكنها في الوقت نفسه تؤكد على مسؤولية الدولة عن رفاه الفرد ودورها المركزي في الاهتمام بذلك . كيف يتم الدمج بين هاتين الفكرتين؟ أصحاب الطريقة الثالثة يؤمنون بضرورة مساعدة المحتاجين في الانخراط في اقتصاد السوق – بدلا من منحهم المخصصات وخدمات الرفاه ، يجب إعطاؤهم الأدوات التي تمكنهم من المشاركة في النشاط الاقتصادي . إحدى الطرق الرئيسية للقيام بذلك هي تنمية ثقافة العمل وتحويل دولة الرفاه إلى " دولة الاستثمار الاجتماعي " . وهم يعنون بالاستثمار الاجتماعي تشجيع الضعفاء والفقراء على العمل ، ومساعدتهم عن طريق تأهيلهم للعمل وإيجاد العمل المناسب لهم ، وبذلك رفع مستوى معيشتهم مع ضمان الأمن الاقتصادي لهم . جملة مشهورة صيغت في هذا السياق هي : يجب إعطاء المحتاجين صنانير كي يستطيعوا بواسطتها صيد الأسماك بأنفسهم بدلا من تزويدهم بالأسماك . أما بالنسبة لمن لا ينجحون ، بالرغم من ذلك ، في مواجهة الأمر لوحدهم – فإن دعاة الطريقة الثالثة يعتقدون أنه من الواجب منحهم خدمات رفاه . أنتوني غيدنس أنتوني غيدنس ، عالم اجتماع بريطاني معاصر ، هو صاحب أفكار الطريقة الثالثة في عصرنا . في كتابه " الطريقة الثالثة – بعث الاجتماعية الديمقراطية " يتحدث غيدنس عن الحاجة إلى سياسة جديدة تواجه التغييرات المتسارعة والمتزايدة التي يمر بها العالم . يقترح غيدنس عدم إهمال الأفكار الاجتماعية الخاصة بالاجتماعية - الديمقراطية فيما يتعلق بالمسؤولية الاجتماعية عن رفاه الفرد ، ودمجها بالاقتصاد الحديث الذي لا بديل له – ألا وهو اقتصاد السوق . أشخاص مجتمع؟ لا أفراد يوجد " وهناك شيء عائلات كهذا . . هناك .. مرغريت تاتشر ، سياسية بريطانية معاصرة ورئيسة حكومة بريطانيا ما بين 1979-1990 رونالد ريغين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ما بين ، 1981–1989 ومرغريت تاتشر رئيسة حكومة بريطانيا ما بين . 1979–1990
|