صفحة: 104

أنا أقيم ذاتي دمعة على المغرد الصامت طائر صغير نسجت أشعة الشمس ذهب جناحيه ، وانحنى الليل عليه فترك من سواده قبلة في عينيه ، ثم سطت عليه يد الإنسان ، فضيقت دائرة فضائه ، وسجنته في قفص كان بيته في حياته ونعشه في مماته . طائر صغير أحببته شهورا طوالا . غرد لكآبتي فأطربها ، ناجى وحشتي فآنسها ، وغنى لقلبي فأرقصه وملأ وحدتي ألحانا ، امتزج ذكره بحياتي فحل عندي محل صديق لا تصلني به اللغة ولا يقربه مني التفاهم الروحي ، بل يقربه إلي حضوره إلا لأن التغريد من طبعه ، وسروره الذي لا يعرف الكآبة وصبره على ضيق الفضاء وقناعته بما قدر له من النور والهواء . في الصباح كنت أفتح عيني فيستقبلني بالغناء ، وتسيل موسيقى ألحانه على قلبي فتسكره . وخلال النهار كنت أجلس للدرس والكتابة فتشمئز نفسي أحيانا من الكتب ، ويثقل يراعي في يدي كأنه صولجان تنازل عن ملكه ، فيأخذ كناري في الزقزقة ، وتأتي جماعة طير من الخارج وتضم تغريدها إلى تغريده عند نافذتي كما تمتزج الألحان في قلب الأمواج فتبتسم الأفكار على صفحات الكتب أمام ناظري ، ويتمايل اليراع بين أناملي تمايل الصفصاف بقرب الغدير ، وتنجلي الغيوم عن فؤادي وتطرب روحي . وفي المساء كان يصمت الكناري إجلالا للظلام فيخفي رأسه بين جناحيه . ويجمد جمود المفكر . ساعتئذ تأتي بنات خيالي فأدونها والكناري

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


 لمشاهدة موقع كوتار بأفضل صورة وباستمرار