صفحة: 87
فقط وببساطة شديدة أقلد ما فعله شخص آخر ! و في الأيام التالية تعلمت أن أتهجى عددا كبيرا من الكلمات دون أن أفهمها ، فقد تعلمت مثلا كلمة "دبوس ، " "قبعة ، " وكنت أحمل علبة الحليب وأردد على مسامع أمي : "كوبا ، كوبا" وهكذا استطعت أن أجد لغتي الخاصة لكن معلمتي ظلت تبذل محاولاتها معي لأسابيع عديدة قبل أن أفهم أن لكل شيء اسما ! في أحد الأيام وبينما كنت ألعب بدميتي الجديدة أعطتني الآنسة " سوليفان " دميتي القديمة أيضا ، وبعدها تهجت على أصابعي كلمة " د ، م ، ي ، ة "، وحاولت أن تجعلني أفهم أن كلمة دمية تنطبق على كلتا الدميتين ، ولم تعرف بابا للكلل إلى أن صار مفتاح اللغة في يدي ، فغدوت متشوقة إلى تعلم طريقة استخدامه ... ومن المعروف أن الأطفال القادرين على السمع يتعلمون اللغة دون أدنى جهد ، فهم يسمعون بمحاولة إصدار الأصوات نفسها ، أما الطفل الأصم فينبغي له أن يتعلم اللغة بطريقة بطيئة وبأسلوب ، غالبا ما يكون مرهقا ومؤلـما . لكن ، وبرغم هذا البطء والإرهاق والإيلام ، فإن نتائج عملية التعلم مدهشة عادة ... فنحن نتقدم بالتدريج من مجرد معرفة أسماء الأشياء إلى فهم الأفكار العميقة ، وهذا في الواقع تقدم كبير للغاية ! يعود الفضل الأكبر في اكتشافي وتطوير ذاتي ومنحي الإحساس بأنني ذات قيمة ، إلى معلمتي ، التي لم تفوت أبدا فرصة واحدة في بيان الجمال الموجود في كل شيء من حولي ، ولم تكف أبدا ، سواء بالكلمة أو بالعمل أو بالمثال ، عن تجميل حياتي وجعلها زاخرة بالسعادة والحب . هيلين كيلر ( بتصرف ) بعد القراءة نصف وبلغة معيارية شعورنا بعد أن قرأنا قصة "هيلين كيلر" وما أصابها .
|