114 4 يا باغيًا الظفرَ ! هل تعلمُ أنّ الحيَّ لا يحيا لنفسِهِ، بل لغيرِهِ نتاجُ جهادِهِ ومسعاهُ ! وهل يتيسَّرُ النصرُ للفردِ الواحدِ في حينِ تتَّحدُ عليه جميعُ القُوى وتتألَّبُ لقهرِهِ والفتكِ به؟ فبدهيٌّ يا صديقُ أنّك بينَ هذه الموانعِ والحواجزِ لن تظفرَ بأكثرَ من وُريْقةٍ عطرةٍ . 5 يا مستبشِرًا ! ألَم ترَ لحظةَ السعادةِ والهناءِ تتعجّلُ التلفُّتَ والانصرافَ؟ وأنّك تستنفدُ مجهودَكَ عبثًا في التشبُّثِ بها والوقوفِ بها في رَحْبةِ الزمانِ؛ لأنَّ أيّامَكَ شبيهةٌ بالليلِ الجارفِ، والموجُ منه يستحثُّ الموجَ السابقَ . 6 أيا متأمّلُ ! انظرِ الطبيعةَ وهي تتجلّى بأبهى مظاهرِها؛ إذ جمعَتْ عبقريّتَها فكانَتِ الجمالَ . . فهذا ماءُ السيلِ يتدفّقُ على الجلاميدِ القاسيةِ، ويتشعَّبُ بينَ النواتئِ الوعرةِ، وينصبُّ في شلاّلاتٍ مُضطربةٍ وانحداراتٍ مرتعشةٍ، يُحشَرُ في غيطانٍ كَدِرةٍ ومستنقعاتٍ راكدةٍ، فينز عُ إلى مزايلتِها إلاّ أنّه يُخفِقُ . . ويلبثُ فيها وقتًا يحدِّدُه القدرُ وطبيعةُ الأشياءِ، ثمّ يمضي في جريِهِ قربَ الشواطئِ الباسمةِ، ويتغلغلُ في الحدائقِ الغنّاءِ فيرتاحُ إلى ظلالِها، ويهيمُ في صمتِها ا...  إلى الكتاب
מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית