|
صفحة: 81
81 المحورُ الثالثُ - التسميةُ عندَ العربِ عاداتُ العربِ في تسميةِ أبنائِهم 4 معظمُ أسماءِ العربِ منقولةٌ عمّا يدورُ في مخز ونِ خيالِهِم ممّا يُخالطونَهُ ويجاور ونَهُ . وكانَ طبيعيًّا أن تنعكسَ الكثبانُ والصخورُ والحيواناتُ والنباتاتُ في أسمائِهم، ليبدوَ الأمرُ في البدءِ محاكاةً مباشَرةً للبيئةِ الطبيعيّةِ مِن حولِهِم، ولكنَّ الأمرَ يتخطّى ذلك إلى جوانبَ أخر ى جعلَتِ التسميةَ عندَ العربِ بابًا واسعًا يكشفُ نظرتَهُم إلى الحياةِ، الإنسانِ، الأخلاقِ، القضاءِ، القدرِ، الصراعِ وأنماطِ العيشِ . 5 وتُعتبَرُ البيئةُ الحياتيّةُ مِن أهمِّ المؤثّراتِ على اختيارِ الأسماءِ عندَ العربِ؛ إذ كانوا لا ينفكّونَ عنِ القتالِ وشنِّ الغاراتِ؛ فغلبَ على أسماءِ الذكورِ ما دلَّ على الشجاعةِ والقوّةِ والفروسيّةِ والقسوةِ والخشونةِ، نحوَ : غالِب، غَلاّب، مُنازِل، مُقاتِل، ثابِت، وطارِق . كذلك، تَسَمَّوْا بالسباعِ ترهيبًا لأعدائِهم؛ فشاعَ مِنَ الأسماءِ : ليْث، فِراس، ضِرغام، باسل ووَرْد . واستوحَوا الأسماءَ مِنَ الحربِ وأدواتِها أيضًا، مثلَ : حرْب، سيْف، وكلُّها أسماءٌ تدلُّ على طبيعةِ الحياةِ القاسيةِ التي كانَ القومُ يعيشونَها في معاركَ لا ينقشعُ غبارُ إحداها حتّى تقومَ أخر ى . ولفَضِّ النزاعاتِ بينَ القبائلِ كانوا يسترشدونَ بحكمةِ الشيوخِ، لذلك تداوَلوا فيهِم الاسمَيْنِ حكيم وفطين وغيرهما مِنَ الأسماءِ التي تدلُّ على رفعةِ أصحابِها . 6 ومِن أسماءِ العربِ القديمةِ ما استُمِدَّ مِنَ الأخلاقِ والقيَمِ التي حثَّ عليها المجتمعُ، كتسميتِهم مُنقِذ وعفيف وطاهر . ولمّا كانَ العربُ القُدامى يفتقر ونَ إلى الطبِّ الذي يداوي مرضاهم ويعالجُ جرحاهم في حروبِهم وغزَواتِهِم، عمَدوا إلى حُسنِ الفألِ بتسميةِ أولادِهِم لإطالةِ أعمارِهم، فأطلقوا أسماءً كمُعمَّر وسالم وسليم لتكونَ السلامةُ والحياةُ إنجازًا وغنيمةً . وعندما كانَ الموتُ يطأُ صغارَهُم كانوا يلجؤونَ لأسماءِ الحيواناتِ فيُطلقونَها على أبنائِهم مثلِ : نمْر، ذئْب، فهْد، أسَد وغيرِها تيمّنًا بالحياةِ المديدةِ . 7 وقد دأبَ العربُ على تسميةِ الإناثِ بأسماءٍ تدلُّ على أوصافٍ لها علاقةٌ بالجمالِ شكلاً وروحًا، لنتعرّفَ مِن خلالِها على معاييرِ الجمالِ عندَ العربِ قديمًا، والتي تختلفُ كثيرًا عنِ المعاييرِ الحديثةِ لديهم . لهذا شاركَتِ النساءُ الرجالَ في الأسماءِ التي يُتفاءَلُ بها في الحياةِ والسلامةِ وطولِ العمرِ كعائشةَ، أو في كثرةِ ومِن أسماءِ العربِ القديمةِ ما استُمِدَّ مِنَ الأخلاقِ والقيَمِ
|