صفحة: 115
إن تكنولوجيا النانو هي المفتاح السحري للتقدم ، والإنماء الاقتصادي المبني على العلم والمعرفة ؛ فمن خلالها سيحقق الإنسان إنجازا جبارا في دنيا العلوم ، ولا سيما في المجالات الحيوية والمجالات الطبية ، مثل : دراسة المكونات الأولية للخلايا ، ومعرفة خصائصها باستخدام المجاهر الإلكترونية ، وصناعة الأدوية ، والحقن المجهري ، ودراسة الحمض النووي وتكاثر الخلايا . فقد تمكن العلماء من تطويع ذرات المواد الكيماوية لتبحر خلال الأوعية الدموية ، متخذة قواربها من كريات الدم الحمراء ، حتى تصل إلى الخلايا المصابة في جسم الإنسان ، لتسعفها وتقدم لها الأمل في الشفاء . إضافة إلى أن تلك الذرات قادرة على إجراء عمليات جراحية وعلى الخروج من الجسم بعد أداء المهمة . استخدامات النانو لم تقتصر تقنيات النانو على مجال الطب ، بل تعدته إلى عالم الحواسيب ، إذ ستطرح في الأسواق في المستقبل القريب ، رقاقات تدخل في صنعها إلكترونات متناهية الصغر ، قادرة على ضغط المعلومات أكثر بآلاف المرات من الذاكرة الموجودة حاليا . وفي الآونة الأخيرة ، يدور الحديث حول مادة جديدة مصنوعة من نانو الجزيئات ، تضاف إلى البلاستيك والسيراميك والمعادن ، فتصبح خفيفة كالعظام ، وأقوى من الفولاذ بمئة مرة ، وأخف منه بست مرات ، وستكون لها استعمالات كثيرة ، خصوصا في هياكل الطائرات ، كونها مضادة للجليد ومقاومة للحرارة حتى تسعمئة درجة مئوية . ومن الجدير ذكره أن العلماء نجحوا في صناعة ورق عبر تكنولوجيا النانو من مخلفات قصب السكر وقشر الأرز ، بجودة تفوق الجودة العالمية المعروفة للورق . كذلك أصبح بمقدورهم اليوم تحلية مياه البحر بواسطة تقنيات النانو ، بكلفة تصل إلى عشر الكلفة الحالية . مع النانو ... الخيال يستحيل واقعا في عصر النانو ، أضحت الحواسيب خارقة الأداء ، إذ يمكن تثبيتها على رؤوس الأقلام والدبابيس ، وأمست العمليات الجراحية المستعصية تجرى بسفينة بحجم الذرة ، تبحر في جسد الإنسان ، تغوص ثم تخرج بعد إنجاز المهمة . وبالنانو اخترعت سيارات بحجم الحشرة ، وطائرات بحجم البعوضة ، وزجاج طارد للغبار وللأتربة ، وأقمشة لا يخترقها الماء ، رغم سهولة خروج العرق منها . وما كنا نظنه خيالا قبل عقود ، صار اليوم حقيقة واقعة ، فأصبح بإمكاننا طي شاشة الحاسوب ، ووضعها في جيوبنا ، أو إنارة بيوتنا بدون محطات للكهرباء . وما هذا إلا النزر اليسير من جبل الجليد الذي تكمن فيه قدرات النانو الهائلة التي ستظلل الإنسانية بمنجزاتها .
|