صفحة: 111

نص الاستماع تحت الطين يك ْمن الذهب منذ حوالي ألفي عام قرر الكهنة في إحدى القبائل الصينية بناء تمثال ضخم ، ليكون معلما من معالم قريتهم العظيمة ، وليكون من أهم الآثار الصينية التي يتكلم عنها التاريخ . وحتى يأتي التمثال مميزا ويليق بحضارتهم الممتدة في عمق الزمن الغابر ، قرروا صنعه من الذهب . فجمعوا خمسة أطنان من الذهب الخالص ، وبعد عمل مضن استنزفت الجهود ، خرج التمثال الأجوف إلى الوجود تحفة نادرة ليس لها مثيل في تلك الحقبة من التاريخ . ونصبوا التمثال في ساحة القرية ، وتوافد أهل القبيلة إلى التمثال زيارة وعبادة فرحين بهذا الإنجاز الإعجازي . وبعد سنوات ، سمع الكهنة عن قبيلة صينية عدوانية تدعى " البرمود " . وعرفوا عن جنودها الشراسة والقوة والبأس ، وعرفوا أن " البرمود " يهاجمون القبائل من حولهم ويفتكون بالبشر والحجر ، ويدمرون القرى ، وينهبون ما يحلو لهم من الممتلكات الثمينة . فخاف الكهنة على التمثال الذهبي ، وبادر أحدهم بفكرة للحفاظ عليه من النهب والتخريب . فأشار عليهم بتغطيته بطبقة سميكة جدا من الطين حتى لا ينكشف أمره . وبعد مدة وجيزة ، حصل ما كانوا يخشونه . فقد هاجم جنود البرمود هذه القبيلة التي يسكنها الكهنة ، وقضوا على كل ما اعترض طريقهم بما يشمل سكانها ، وحملوا النفائس والغنائم . لكنهم حين وصلوا إلى التمثال استحقروه لأنه من طين ، ولم يعيروه أي اهتمام . وتروي الحكاية أن البرمود طاب لهم مناخ القرية ، فضربوا طوقا حولها ، وعاشوا فيها عقودا طويلة دون أن يدرك أحد سر التمثال الدفين . ومر على هذا السر مئات السنين ، وماتت أجيال وولدت أجيال والتمثال صامد في مكانه دون أن يمسسه أحد . وقبيل مائة عام على وجه التقريب ، رغبت السلطات الحكومية في الصين نقل التمثال الطيني إلى قلب العاصمة الصينية " بكين " ، باعتباره معلما تاريخيا شاهدا على حضارتهم . وبسبب قيمته الدينية لهم ، أولت الحكومة عملية نقله إلى مجموعة من الكهنة الذين كانوا يشرفون عليه . وحين أتوا بالمعدات اللازمة لنقله ، وبسبب الأمطار والعواصف ، حدث شق عميق في الجزء السفلي من التمثال أثناء تحريكه . فأشار عليهم كبير الكهنة بإيقاف العمل لبرهة من الوقت حتى تهدأ العواصف وتخف الأمطار ويجف التمثال . لكن كبير الكهنة ، الذي كان شديد الفضول ، استشعر أن هناك لغزا ما وراء هذا التمثال الذي كان يبدو بالرغم من ضخامته المتواضعة ثقيلا جدا وصعب التحريك . وفي الليل تسلل كبير الكهنة خلسة إلى التمثال يتفقده على ضوء شمعته ، متمعنا في جميع ثناياه وزواياه المختلفة محاولا كشف سره . وعندما سلط الضوء نحو الشق الذي تصدع بسبب العواصف ، لاحظ أن الضوء ينعكس من الداخل . استغرب الكاهن ، لأن الطين لا يعكس الضوء ، فشك في حقيقة التمثال ، واستنتج أن لابد من وجود معدن ما في عمق الطين . وفي اليوم التالي استدعى مجموعة من الكهنة الأقوياء لمساعدته ، ونخروا الشق بالمعول ، وكم كانت دهشتهم حين اكتشفوا أن التمثال مصنوع من الذهب الخالص ، وأن قيمته تفوق الخيال . فأخبروا السلطات خشية عليه من السرقة . وفي الحال ، تم نقل التمثال إلى المكان المقرر . وبعد أن أزيلت عنه كل الطبقات الطينية التي غطته وتم تنظيفه ، نقشت على قاعدته عبارة صينية أصبحت شهيرة وراحت مثلا تتناقله الأجيال " تحت الطين يكمن الذهب " . أي أن ما يبدو للناظرين عاديا بسيطا ، لربما يكون في داخله كنز دفين ، وتكون له قيمة بالغة للمستقبل ، فلا نتعجل بالحكم على الأمور من الوهلة الأولى أو من نظرة سطحية . وهذا بالطبع ينطبق على المكان وعلى الإنسان . فقد يكون المرء عاديا للبعض في طفولته ، ولكن في داخله قد يختبئ مخترع ، أو فنان موهوب ، أو قائد ملهم ، أو شاعر مرهف ، أو إنسان معطاء يعمل لخدمة الناس .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


 لمشاهدة موقع كوتار بأفضل صورة وباستمرار