صفحة: 133
4 وفي أوائل شهر نيسَان 1950 كانت الأغبية الأولى التي غبتها في حياتها تحت اشم فيروز ، وتلا ذلك الكثير من الأغبيات الشعبية والخْفيفة والراقصة والقصائد والطرب قام بتلحيبها حليم الرومي الذي كلف عددا من ملحبي الإذاعة وغيرهم بالتلحين لفيروز ، لإيمانه أن " فيروز صوت غير محدد بمقدرته الفائقة على الأداء لكل الألوان الغبائية ، وأنه شيتميز في المسَتقبل القريب بأنه أقدر صوت على غباء الألحان الحديثة في العالم " ، فكانت تلك نبوءة تحققت . 5 في مكاتب الإذاعة التقى عاصي الرحباني عازف الكمان والملحن المبتدئ - في ذلك الوقت-بمبشدة الكورس نهاد حداد ) فيروز ( وتعارفا وتزوجا . ومع أن الفضل في اكتشاف صوت فيروز يعود إلى حليم الرومي ، إلا إن انطلاق صوت فيروز وشخْصيتها الغبائية يعود إلى عاصي الرحباني الذي رأى أن خامة صوتها الحديثة والمخْتلفة عن مغبيات تلك الحقبة ، تطابق تماما الأغاني الجديدة والمخْتلفة التي يكتب كلماتها ويلحبها؛ لذا انكب على تدريب فيروز وصقل خامتها الصوتية . وانضم إليه في ذلك أخوه مبصور . 6 تزامن إطلاق الأخوين رحباني ) عاصي ومبصور ( أعمالهما الغبائية من الإذاعة بصوت فيروز ، مع توشيع موجات البثُ الإذاعي وشيوع الراديو والأشطوانة في بلدان المشرق العربي ، وراحت تصل إلى فئات واشعة من المسَتمعين أغاني الرحبانيين الإذاعية ، واسكتشاتهم الجديدة والمخْتلفة عن الذوق العام الشائع في الغباء . فأطربت وما زالت ، فبا رائعا ، وصوتا ملائكيا ، وموشيقا خلابة . 7 وقد طاول الاختلاف والتجديد الرحباني مسَتويات عدة : كلمات الأغبية ، مزجها بالغباء الفولكلوري الشعبي ، مدة هذه الأغبية الزمبية القصيرة ، لحبها الخْفيف والطالع من تمازج ألوان موشيقية متبايبة المصادر ، لهجة أداء الأغبية في المحكية المتوشطة ، وقبل كل شيء هباك الصوت الفيروزي الجديد والخْاص في خامته وطبقاته الخْافتة الرقيقة والأليفة . إنه الصوت العذب والحبون والبريء والباعثُ على الأمل والرضا . الصوت الطري كالبسَيم أو البدى ، البهي والملون ، الصوت القمري الهامس والمداعب كضوء شمس صباحات ريفية ، والمسَائي في حزنه الشفاف ، والطالع من زمن ومكان وذكريات وحبين ومشاهد ولحظات عيش . الصوت الذي يوحي لكل مسَتمع له بأنه يتوجه إليه ويخْاطبه وحده وبمفرده دون غيره ، كأنما يفشي له بسَر خاص . لكن الصوت الطالع أيضا من حياة الباس وطقوشهم وشعائرهم ومواشمهم الجماعية وفرحهم بالعمل والحياة ...
|