صفحة: 38
ختاما وإجمالا تعبر دولة الرفاه الديمقراطية التي تلتزم برفاه مواطنيها عن المسؤولية التي أخذها المجتمع على عاتقه في عصرنا : الاهتمام بالأمن الاجتماعي والاقتصادي لجميع المواطنين . دولة الرفاه تقوم على الافتراض بأنه من حق كل مواطن أن تهتم الدولة برفاهه . لذلك تعمل الدولة من أجل ضمان استمتاع كل مواطنيها بمجمل الحلول التي تضمن لهم جميعا مستوى معيشة لائق . 1 تجبي دولة الرفاه من مواطنيها الضرائب وتستخدمها في تمويل توفير الخدمات المختلفة التي تقدمها لهم والتي تهدف إلى ضمان مستوى معيشة لائق للجميع . هناك خدمات تقدمها الدولة لجميع مواطنيها ، وهناك خدمات تمنحها لمجموعات سكانية معينة وفق معايير مختلفة . هناك من يحتاجون بقدر كبير إلى المساعدات التي تمنحها الحكومة ، وهناك من يحتاجون إليها بقدر أقل . تعتبر أعمال دولة الرفاه هذه تدخلا في اقتصاد السوق . الهدف من هذا التدخل هو الفصل بين ما يربحه الإنسان في إطار السوق وبين مستوى معيشته ، والتقليل من حدة تأثير السوق على حياة الفرد ، والعائلة والفئات الأخرى في المجتمع . تدخل دولة الرفاه يحقق عدة غايات : الرفاه الشخصي : تساعد دولة الرفاه الفرد في أن يعيش بمستوى معيشة لائق ومعقول . وبذلك فهي تساعد مواطنيها في أن يعيشوا حياة أفضل وأن يحققوا ذاتهم وأن يساهموا في المجتمع . الرفاه العام : تدعم دولة الرفاه رفاهية المجتمع بأسره وتقود نحو بلورة مجتمع أكثر ثقافة وصحة ، مجتمع قوي يملك القدرة على مواجهة التحديات التي يضعها العصر الحديث في طريقه . تقليص الفقر والفجوات الاجتماعية : الخدمات الاجتماعية ذات المنالية ، ودفع مخصصات الضمان الاجتماعي ، بالإضافة إلى التخفيضات والمكافآت المختلفة التي تمنحها الدولة لمواطنيها – هذه كلها تؤدي إلى رفع مستوى معيشة الطبقات الفقيرة . بهذه الطريقة تواجه دولة الرفاه ظاهرة الفقر الموجودة في كل مجتمع وتؤدي إلى تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين الطبقات الميسورة وبين الطبقات قليلة الإمكانيات . المسئولية الاجتماعية والتضامن : اهتمام المجموع بضائقة الفرد وبضائقة فئات سكانية مختلفة في المجتمع ( مثل : العائلات أحادية الوالدين ، أبناء شبيبة في خطر ، العجزة الوحدانيون ( الذين لم ينجبوا ويعيشون وحيدين )، إضافة إلى حقيقة كون جميع المواطنين ، أغنياء وفقراء على حد سواء ، يتمتعون بشكل متساو برزمة خدمات اجتماعية على مستوى جيد - كل ذلك يعزز الشعور بالتكتل الاجتماعي ويمنع حالات الشعور بالاغتراب بين فئات سكانية مختلفة . القرارات التي تتخذها سلطات الحكم في دولة الرفاه في المواضيع الاجتماعية والاقتصادية ، والأعمال التي تقوم بها في هذه المجالات ، من أجل الاهتمام برفاه مواطنيها ، هي السياسة الاجتماعية – الاقتصادية للحكومة . " تعالوا بنا نتأمل يوما في حياة مواطن في دولة الرفاه : يستيقظ في الصباح يفرك أسنانه بالماء الذي تزوده به الدولة بسعر مدعوم . ثم يوقظ ابنه أو بنته ويأخذهما إلى الروضة التي تدعم الدولة التعليم فيها . يحضر لهما ساندويشا من خبز مدعوم من الدولة . ثم يسافر إلى مكان عمله ، عندما يصعد إلى الباص يدفع أقل من التكلفة الحقيقية للسفر؛ بقية التكلفة تدفعها الدولة . وهو يعمل 8 ساعات في اليوم لا أكثر . إذ يحظر على المشغل أن يطلب منه أن يعمل أكثر من ذلك . وإذا ، لا سمح ا ›، أصيب فهو يحصل على تعويضات من التأمين الوطني . وهو يعلم أنه عندما يخرج إلى التقاعد سيحصل على راتب تقاعد كنوع من الدعم الاقتصادي حتى آخر يوم في حياته . أ ڤ نر دي شليط ، الاشتراكية ، ص 87 1 نجد حتى في الدول غير الديمقراطية ترتيبات تعنى برفاه المواطنين ، وفي بعض الأحيان تكون هذه الترتيبات كريمة وواسعة ، ولكن في هذه الدول الاهتمام بالفرد لا يستند إلى الاعتراف بحقوقه ، بل ما هي إلا وسيلة يستعملها نظام الحكم لترسيخ قوته وتعزيز مكانته . لافتات تؤيد دولة الرفاه تل أبيب ، صيف 2011
|