صفحة: 74
ولعل أظهر ما في هذا البهو النافورة التي تحمل اثني عشر أسدا من المرمر الأبيض ، يقذف كل أسد المياه من أنبوب في فمه . وقد نحتت هذه الأسود على طراز رؤوس الحيوانات ونقشت عليها كتابات كوفية من شعر ابن زمرك . والحق أن الإنسان ليعجز عن بيان ما يشعر به حين يمر من قاعة البركة . ويدخل في قاعة الأسود فيرى الممرات التي تزينها الأقواس المنوعة المزخرفة بالنقوش المزهرة والزخارف المتدلية التي كانت ذهبية ملونة ، وتقع عينه على غابة من الأعمدة التي وضع بعضها منفردا وبعضها الآخر مجتمعا على شكل بديع . وصرت أتنقل في أطراف جنة العريف؛ بدأت أتجول بحديقة كبيرة مستطيلة الشكل تتوسطها بركة ضيقة ويحف بأحد أطرافها ممر مكشوف ، ويحيط بها وبالقصر بستان كبير ، له سور عال فيه باب كبير ، ويتدرج البستان على ثلاث مناطق تعلو كل منها ببضعة أمتار ، يصعد إليها بواسطة أدراج من الرخام ، في جوانبها نافورات ماء إذا فتحت ينبعثُ منها الماء على شكل أقواس من البلور حدى حدائق إ تنتهي إلى وسط البحيرة بأنغام شجية . وجنة العريف ملأى بأشجار الليمون ، وقد راق لي أن أقطف ليمونة ، فاحتفظت بها خلال الرحلة أشم عبقها ، عبق تلك الجنة التي أنشأها بنو الأحمر لتكون صورة من فيحاء دمشق أو فيحاء طرابلس؛ وما تزال معالمها والصور هي هي لم تتبدل مع مرور الزمان . إن الحمراء من أمجاد العرب ، يقصدها الناس من أطراف الدنيا ، ويقفون إزاء روائعها مشدوهين . سامي الكيالي ( بتصرف )
|