صفحة: 37
وفي الحال لوى عيني فرسه واتجه نحو الصوت ، فوجد في الغابة فرسا مربوطة إلى إحدى الأشجار ، وعلى مبعدة منها فتى ، في العشرين من عمره ، ووقف أمامه فلاح ، طويل القامة شديد البنية كان يلقي ملامة أو نصيحة ، والولد يتوسل إليه قائلا : - " أستحلفك بالله ، يا سيدي ، هذه آخر مرة ... لن أهمل القطيع بعد اليوم ... سأهتم به في المستقبل . " ! ولما رأى " دون كيشوت" هذا المشهد خاطب الفلاح بصوت يملأه الغضب ، قائلا : " أيها الفارس الشرس الجبان ! اركب فرسك وخذ رمحك ! سأريك أن ما تقوم به غير لائق برجل حرب شجاع . " فأجابه الفلاح بخضوع : " مولاي الفارس ! إن هذا الفتى يعمل في رعي المواشي ، وأنا أدفع له أجرا ليعنى بقطيعي ، ولكن بلغ من إهماله لعمله أنني أفقد كل يوم عددا من شياهي . " فصاح "دون كيشوت : " "هيا ابتعد عن الفتى ، وادفع إليه أجره فورا . " فخفض الفلاح رأسه وأخرج من جيبه نقودا ، وأعطاها للفتى . فقال دون كيشوت : " لا بأس ! من حقك أن تعرف من الذي يصدر إليك هذا الأمر ... فاعلم أنني أنا البطل "دون كيشوت ، " نصير الضعفاء ومقوم الأخطاء ! أستودعك لله . " بعد أن ألقى هذه الكلمات واستمع إليها الفلاح ، واصل سيره مبتعدا ، اتبعه الفلاح بنظره حتى اختفى وأخذ النقود من الفتى . في هذه الأثناء كان بطلنا يشق طريقه ، وهو في غاية الرضا عن نفسه . ميكال دي سرفنتس ، ترجمة أكرم الرافعي ( بتصرف )
|