صفحة: 87

لم أجد أحدا من رفاقي لألعب معه ، فتوقفت عند بوابات مخازن التحف والأثريات أتفرج على ما في واجهاتها من مسابح وصور من الصدف ، وجمال وقوافل صغيرة من خشب الزيتون . وبعد مدة زايلني الخوف ، أو نسيته ، وشعرت بجوع شديد . فسرت باتجاه الدار ، ولكن ، عند الباب ، عاودني الخوف مما ستفعله بي أمي ، فأطللت نصف إطلالة ، وصحت : "يمه ! ستي " ! فخرج إلي أخي ، وكان قد عاد من المدرسة ، وهو يضحك ويقول " : تعال ادخل ، تطعم غيرك بالملعقة ، وأنت تأكل بالمغرفة ! عال والله عال ! يلا ، ادخل . " وجرني إلى الداخل لأقابل أمي ، وعيناها تقدحان غضبا . وفجأة رأيت الغضب في عينيها يذوب إلى ما يشبه الضحك ، وهي تقول : " يا شيطان ! توزع أكلنا على الناس ? أتحسب نفسك ابن سليمان جاسر ? اشبع أولا ، وبعدين أطعم الناس . " ... ثم التفتت إلى أخي وقالت : "خذ الطنجرة يا يوسف ، وخذ هذين القرشين ، واركض إلى بيت بائعة الحليب . وإذا وجدت أنه بقي شيء من الحليب اشتر ست أوقيات ، وعد على عجل ، لأطبخ وجبة أخرى من الهيطلية لأبيك ، أما أخوك هذا فلن يذوقها ، والله ! وخذہ معك ، لا أريد أن أرى وجهه " ! وعند المساء ، تنازلت أمي عن تهديدها ، وقالت في نفرة مفتعلة : " يلا اقعد مع أبيك وأخيك . أتريد المغرفة لتأكل بها ، أم أن الملعقة تكفيك . " ? جبرا إبراهيم جبرا ( بتصرف ) بعد القراءة نسرد النص شفويا بلغة معيارية .

מטח : המרכז לטכנולוגיה חינוכית


 لمشاهدة موقع كوتار بأفضل صورة وباستمرار